ربط المثلية ومرض الإيدز في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في موريتانيا

 


تعتبر المثلية الجنسية ومرض الإيدز من المواضيع الحساسة والمثيرة للجدل في المجتمعات العربية والإفريقية، بما في ذلك موريتانيا. يعاني أفراد مجتمع الميم (المثليين والمثليات ومزدوجي الميل الجنسي ومغايري الهوية الجنسانية) من تمييز كبير وظلم، يتمثل في ربطهم بشكل غير مبرر بمرض الإيدز في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي. يساهم هذا الربط في تعزيز الصور النمطية السلبية ويزيد من وصمة العار الاجتماعية التي تحيط بهم.

الربط غير الدقيق بين المثلية ومرض الإيدز

تاريخيًا، تم الربط بين المثلية ومرض الإيدز في العديد من الدول بسبب القصور في الفهم الصحي والاجتماعي للمرض. في موريتانيا، حيث تعتبر المثلية محظورة اجتماعياً وقانونياً، يستغل بعض الإعلاميين ومنصات التواصل الاجتماعي هذا الربط لتشويه صورة أفراد مجتمع الميم. هذا الربط غير دقيق، إذ إن الإيدز يصيب جميع البشر، بغض النظر عن ميولهم الجنسية. قد تحدث الإصابة بالفيروس بسبب عوامل عديدة، بما في ذلك العلاقات غير المحمية، أو استخدام الإبر الملوثة، أو حتى من الأم إلى الطفل أثناء الولادة أو الرضاعة.

يرتبط ربط الإيدز بالمثلية في موريتانيا أيضًا بنوع من التخويف، حيث تُستخدم هذه الروايات لتخويف الناس من المثليين وتعزيز الصور السلبية عنهم. في الحقيقة، الفيروس يصيب جميع فئات المجتمع، وليس فقط المثليين، مما يستدعي معالجة المشكلة من منظور صحي اجتماعي شامل.

المخاطر والجهل بخطوات الحماية

تساهم تعدد العلاقات غير المحمية في زيادة مخاطر الإصابة بمرض الإيدز، حيث أن عدم اتخاذ الاحتياطات اللازمة يُعتبر أحد الأسباب الرئيسية لانتشار الفيروس. الجهل بخطوات الحماية لعلاقات آمنة وصحية يؤدي إلى تفشي المرض، ليس فقط بين أفراد مجتمع الميم، بل بين جميع فئات المجتمع. من الضروري نشر الوعي حول أساليب الحماية المتاحة، مثل استخدام الواقيات الذكرية وفحص الفيروس بانتظام.

أثر الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي

تساهم وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في نشر المعلومات والأفكار، لكنها أيضًا تلعب دورًا في تعزيز الصور النمطية السلبية. كثيرًا ما تُستخدم العناوين المثيرة لجذب الانتباه، مما يؤدي إلى التعميم حول المثليين وربطهم بشكل مباشر بمرض الإيدز. يظهر هذا في المقالات والتعليقات التي تتناول موضوع المثلية، حيث يتم تصوير المثليين كخطر صحي يجب تجنبه.

تتزايد هذه الظاهرة بشكل خاص على منصات مثل فيسبوك وتيك توك، حيث يتداول المستخدمون معلومات غير دقيقة أو مضللة، مما يعزز التمييز والوصم الاجتماعي ضد المثليين. وغالبًا ما يُستخدم خطاب الكراهية بشكل صريح، مما يفاقم من معاناة الأفراد ويعزلهم عن المجتمع.

الإيدز كمرض يمكن التعايش معه

أصبح مرض الإيدز اليوم مشابهًا للعديد من الأمراض المزمنة الأخرى التي يمكن تشخيصها بسرعة وتلقي الأدوية بشكل منتظم. يتوفر العلاج المضاد للفيروس، الذي يمكن الأفراد من الحفاظ على حياة صحية نفسياً وغذائياً، مما يجعلهم قادرين على العيش حياة طبيعية. هذا التقدم العلمي والطبي يستدعي تغيير النظرة السلبية اتجاه المرض واعتباره جزءًا من الرعاية الصحية العامة.

الظلم الذي يتعرض له أفراد مجتمع الميم

يتعرض أفراد مجتمع الميم في موريتانيا لظلم كبير، حيث يُنظر إليهم بشكل سلبي ويواجهون تمييزًا على جميع الأصعدة. من الملاحقات القانونية إلى التمييز في العمل والخدمات الصحية، يُعاني هؤلاء الأفراد من غياب الحقوق الأساسية. يزداد الوضع سوءًا بسبب قلة التوعية والمعلومات الصحيحة حول المثلية ومرض الإيدز، مما يسهم في تفشي الخرافات والاعتقادات الخاطئة.

الكثير من المثليين يتجنبون الحصول على الرعاية الصحية خوفًا من الوصم الاجتماعي، مما يؤدي إلى تفاقم المخاطر الصحية. بالإضافة إلى ذلك، يعيش أفراد مجتمع الميم تحت ضغط دائم من أسرهم ومجتمعاتهم، مما يجعلهم عرضة لمشاكل نفسية مثل الاكتئاب والقلق.


إن ربط المثلية بمرض الإيدز في الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي في موريتانيا يشكل تحديًا كبيرًا لأفراد مجتمع الميم. يتطلب الأمر جهودًا متعددة الجوانب لتعزيز الوعي وتغيير التصورات السلبية حول المثلية وحقوق الإنسان بشكل عام. يجب على المجتمع أن يعمل على تعزيز التفاهم والتسامح، وفهم أن المثلية ليست سببًا للإصابة بمرض الإيدز، بل إن الوعي والمعرفة هما السبيلان الأهم لحماية جميع الأفراد، بغض النظر عن ميولهم الجنسية.

المقال التالي المقال السابق